الجمعة، 7 يناير 2011

الطرقة


الطرقة على الباب تشبه يدا لا تستجيب لصاحبها، لا تفصح عن إرادته ولا تقدم له كأس ماء، الماء المتلاْليء في الكأس لا يخبرنا عن أسرار الحياة وعن سر النهر في ممرات الحلم الجميل، الاحلام العابثة قد تحفظ اسرارانا لتقولها عنا لكن دون أن تتعرى ...

هكذا تستدير الأصوات، طرقات على أبواب عدة، لا نصغي جيداً أحيانا وأحيانا نترك أنفسنا للكسل فلا نرفع رؤسنا أو قاماتنا نحو الدهشة أو الفضول، فتبقى الطرقة عذراء لا تفصح عما تريد....

القطرة تبتل بقطرة أخرى، لكننا لا نرى رطوبة جسدها وشفافية البقعة ولا خصوبة الحياة التي عبرتها، تشتاق الأرض أحيانا لأجسادنا، فتلقي الينا أمنيتها وتكتفي بالعناق، العناق الذي يرتد إلى وجودة السابق في أوتار الوجود، لا تقطع الشمس على أجساد باردة أو ميته إلا لتوقظها، تتحسس الممرات التي توصل إلى الأقبية والزنازين، المرأة صورة للنبض الحاذق لكنها لا ترى سوى ما تفصح عنه العيون الجارحة، عندما تمر البلاد على زجاج النوافذ التي لا تطرقها أيد ... تتلاشى، الوطن أيضا يشبه طرقة .... يشبه انبعاث حزن معتق، الصحراء تعرف ان تتعرى لا لتقيم الشهوات النائمة والحريات المعطوبة لكن لتكتشف سر الماء المخاتل، حين تمتد الدروب تفصح الحياة عن وجودها الحقيقي، لكنها لا تعطينا خارطة الوصول إليها... المساء البهي يشبه الوقوف على شاطئ في يوم شتائي غامض لكنه حنون

آخذ نفسي من يدها واجلسها على حافة انصهار الافق بالماء॥تماما كنقطة متلاشية تتشظى ذوات كثيرة، الطرقة الماكرة تلبس الوجوه اقنعتها البراقة... لا وعيها الحاذق، حين ننفصل عن احبتنا ونلتصق بهم لا نعود نرى....

الماء في إنكساره يشبه بوحي على سطور تتلاشى خيوطها، الذاكرة طرقة في مكان مجهول، عناق لم يتم وتوق لقبلة عمياء، زمن مختلف ذاك الذي يبدد المسافة ويعيد الروح إلى ألوهتها، ويعيد الاجساد إلى طبيعتها الأولى ... لا أعلم غور المسافة لكني أرى الحريق، حين تصعد اليد المتلاشية لا تفصح عن ذاتها، وحدها الكلمة تستطيع أن تسميها، وأنا الاسماء جميعها حين لا تقال....

البسمة المستحيلة تلك التي لا ترتد كالصدى الهارب من شفه لم تعترف بالحب... العيون الدافئة قطعت المسافة عدوا إلى الوراء، لانها رأت.... رأت الطرقة في ولادتها... ولادتها الأولى من يد تتكون ...لكن لا تستجيب.

ليست هناك تعليقات: