الجمعة، 29 مايو 2020

عتمة




****
على اطراف اصابعها، تدور الحياة في الطرقات، تعبث في الحدائق الخلفية للبيوت، تعيد تشكيل الغيوم المثقلة بلون ابيض، السماء لا تعيرها اهتماما، فلا ثبات للون في نوايا الغيوم، لا شأن للصوت بما تهمس به احلام لا تعي ما يخبئه الدرب، الحياة تضجر من المشي وحيدة، من القفز على اسوار البيوت ومن ضغط انفها الصغير على النوافذ، فتفكر بالبحث عنه ذلك الموت الذي اعتاد على معطفه المظلم، واصابعه الخفية، ذلك الذي يتجول مثلها في البيوت وعلى وسائد الخائفين والمتعبين واولئك الذين يحاولون عبثا ان يعرفوا ... كيف هي الحياة بلا ألم...

عبثا تمد اليه يدها
ذلك البعيد ..
المثقل بالدهشة والفضول
المغلف بالالم الطازج
والضحكة المستحيلة
عبثا تمد اليه يدها
تحاول أن تلتقي به
على اطراف قبلة
ليس لها زمان
او شكل نغتالها به...
عبثا... تمسك يده
فيأخذها الى الهاوية
تلك التي تبدأ من الاعلى ...
في دورانها اللانهائي
نحو الوصول....

الموت يخفي أصابعه، عيونه، ويبقي على قلبه البارد مشرعا كالراية، الموت لا يملك صوتا او لغة، لكنه يملك الدمعة، تلك التي امتلكت الحياة في شفافيتها المالحة... الحياة التي كلما رفعت رأسها اخفتها الغيرة التي لا تقوى على الموت طويلا....

هل اسمعك ؟؟
لا صوت يرتدي كلماتك
لا وجه يغلف ملامحك
ولا أصابع تعرف اشارتك
الخفية نحو قلبي....
هل  اراك ؟؟

كأن الحياة تعبث مع الموت في رقصة كونية، تقلم اظافره الحادة ممسكة بعنقه فيقبل شفتيها باحثا عن خنجره القاتل، تمد انفاسها إلى عينيه المطفأتين فيرمي بها بعيدا قبل ان تلتقطها يده بقسوة بحثا عن قلبها... تبدو كطفلة لا تدرك قسوة الالم او ما تخبئه لها النوايا... ويبدو كمصاص دماء...

ينفجر الماء...
بين اصابعنا
في قلوبنا
وعلى الشفاه...
الماء ... لا يعي سره
فيخفق فرحا للغرق
المثقل بالزائرين...
الاحبة....

يضمها اليه، تشتد الرقصة وحشيه، يقتربان يبتعدان، يتعانقهان يتنافران، يرمي بها ويعيدها، تهرب منه اليه، تشتد الوحشة في الطرقات، يشتد الالم ....تشتد الضحكة

لكن  في نهاية الاشياء،   
يلتقي الموت بالحياة ،
الحياة بالموت ....
يتعانقان ككل المحبين....



ليست هناك تعليقات: