الثلاثاء، 8 يوليو 2008

ما بين القلب والسنبلة


ناداني الوطن يوما قائلا : لا تخطّي على القبور ذكرياتك الذابلة..قلبي مشرع لك شاهدة للحقيقة... وحروفك مسمارية فتقدمي إليّ لنبحث عن ظل لنا...فتقدمت.


(هذه بعض الذكريات التي وجدتها في دفتر قديم ... إهداء للتواريخ..
إهداء لـ (12/9/1999) يوم دخولي فلسطين...)


(لحظة ولادة)
ها أنا استعيد ذاكرتي .. قبل بدء الماء في عروقي... كنت حجراً رمته يد امرأة ضجرة بخط منحنٍ كظل شجرة اتخذت من جذورها مرآة وصعدت نحو خالقها بلا قربان...أستعيد ذاكرة الغرق وكأنني البدء في صلب منذور للخلود في عتمة البحر أو في أوردة الشمس... لتبحث عروقي عن لغتها الأولى...لتمد أحلامها بلا هدى ... تحفر فيّ صرخات مكتومة تدحرج نبضي الصامت... تدفعه .. تقطع حبله السري... تلطم وجهه لتعيد إليه الحياة...
أستعيد ذاكرتي... وأدفع من داخلي شكل أصابعي وأطرافي... أقطع سرتي من جذر الأرض وأنمو كشجرة... أمر على أطيافي كلها... أكسوها بحيوات كثيرة... وأصعد كشعاع نحو بدئي... أستعيدني كما تستعيد أصابعي لغتها المارقة من ظلال القلب لفضاء البياض ... هناك أراني...
***

(خطوة في العدم )
تعبئني المسافات... تفرد ظلها في عروقي .. تسكنني كهاجس يمتد ويمتد تلاحقة الظلال وألفة الأشياء العابرة في فضاء الرؤية ..ولا أجد لروحي معنىً آخر يحيط بي ... يؤازرني في اتكاء الشمس على قامة ظهيرة نزقة أو في صباح يحمل رائحة لا تتآلف مع الصمت...
كأنني جذر نبت في الهواء... وحدها النجوم الغافلة تؤنس مسائي بلا لغة أو أحلام...تدعوني الأصداء البعيدة بلغة لا تفقهني... أتقدم وحدي فتزول الطرقات وتتركني بلا مسافة تسند جذعي وبلا غبار يشي بالوصول...



(*)
أتبادل والضوء سيرة الحلم
ضلع المسافة
ما بين نبضك وقلبي..
فأكبر كالظل
أصابعي المبتورة
تعكسك كلمات صارخة
في جوف جدار خاو
(*)


(نداء)
أيتها المرأة التي تلبس جلدي وتزرعني في الطرقات القاحلة ...خذي يدي وعمديني على جدار الحلم ... اسرقي نبضي من حقول الآخرين... احصدي خطواتي وألحقيني بغيمة مالت نحو المغيب..انثريني كالهشيم في فضاء يكبر كلما أوغلنا بالغياب ويلاحقنا بعواء لا ينضب..


(**)
يا سماء أقلعي
ليغيض النبض
ويبدأ الطوفان...
(**)

(تصريح...)
نبت الرنين فجأة في ضلع السكون فأجفلني...
الصوت الآخر على الهاتف كان ضاحكا... يعرف أن المفاجأة ستجعلني أصرخ ... أضحك لكنه لم يكن يتوقع أبدا أنني سأغلق الهاتف بقوة وأنا أرتجف ،
الرنين من جديد أجفلني ثانية ، قلت : هل تحدثت قبل قليل ؟!
- نعم وإياكِ أن تغلقي الهاتف...
- إذاً ما سمعته صحيح ؟.
- نعم أيتها المجنونة ..
تلاشت ضحكته وتركتني كلوحة زيتية معلقة على الجدار منذ مئة عام ...
غادرت عملي وحين جلست في السيارة فاجأني وجهي المبتسم فهمست لنفسي حصلت على التصريح ، حصلت على التصريح !!
أدرت المحرك وحين التحمت بالطريق بكيت .

(في الطائرة)
تضع غيمة وجهها الحالم على نافذتي... تهمس لي وتبتسم... أمد أصابعي . يحول الزجاج ما بيننا . نبكي فيربط النحيب ما بين روحينا . أغادر مقعدي سرا . تأخذني غيمة من يدي . نرقص
فترفع لنا الجبال هاماتها وتصفق لرفيف الروح في زرقة الفرح...






صهيلٌ يحملُ الحرفَ
على كاهل الحنين..
هناك يحبو الصوتُ
يتعلقُ في الأحراشِ
في ظل الزيتونِ
في الدرب المستدير...
الحلمُ رحم يلف القصائد
المبتورة...
فيثمر الوجعُ
تصعد البرتقالة لحتفها
أصابعي تقيس المسافة
ما بين القلب والسنبلة
(بيسان) تكبر في أضلعي
نتهجى الدربَ ...
نبعثُ خطوة خطوة...
التلال تضمدُ روحي
ترتق عُرا الذاكرة
تفرك الملح في عيون
التعب...
القمر يمد إليّ نهدين
من حلمٍ
فأستعيد من الموت أصابعي
وأمتد حتى آخر
نفخة في الصُّور
(**)

ليست هناك تعليقات: